الجمعة، 19 أغسطس 2011

قصة السواد الاول

يحكى أنه فى قديم الزمان أول بدأ الخلق أن الانسان كان شفافا نقيا كماء نهر جار. كان الذى يعكره فقط هو أن يتعامل معه غيره بغلظة أو أن يسطو أحدهم على ما له من حيوانات أو زروع لكن فى هذا الزمن الرائع كانت العكرة تذهب سريعا وتصفى النفوس.
وقتها اشتغل آدام الثانى أو الثالث (لا نعرف بالتحديد) بالرعى, وكانت علاقته بالحيوانات على خير ما يرام يطعمها ويسقيها وهى تستكين اليه ثم يغدر بها فى نهاية المطاف ليستطيب لحمها وأصوافها وجلودها لنفسه, لكن هذه سنة الحياة.
ومع كل هذا لم تكتسب طبيعته هذا الغدر كصفة أساسية الى أن رأها.
حواء الثانية أو الثالثة تتهادى فى سيرها تجاه النهر.

لم يعرف ماالذى جذبه فيها بالضبط لكنه أهمل غنماته وانطلق وراءها.
لم تلحظه فى أول الامر وفى المرة الثانية ربما, فيما بعد كانت تلمح خياله على الارض اذا سار وراءها.
حواء كانت طفلة لاتعرف هذا الكائن الغريب الذى كان يلاحقها ولا ماذا يريد منها, اما حواء المواهقة فاستعذبت كتلة العضلات التى تتبعها فى كل مكان.
كانت تكثر من ذهابها للنهر لأى سبب حتى ترى آدام الفتى.
لو كانت حواء الاولى علمت بما يحدث لما تركتها تخرج بمفردها بعد ذلك.

لم يتوقف الامر عند هذا الحد فآدام لم يكتفى بتلك النظرة التى تلقيها له فى طريق ذهابها وعودتها كل يوم.
أخذ قراره باعتراض طريقها دون أن يفكر فى غضبة أبوها آدام الاول.
وقتها فقط أكتشف ان له صوت عذب يختلف عن صوته الاجش الذى يحادث به الحيوانات, وأكتشف أيضا أن لها صوت أعذب من تغريد الطيور فى صباح ربيعى.
تحادثا كثيرا وضحكا كثيرا وسعد لأنه أضحكها.
نام ليلته يحلم بضحكتها ونامت ليلتها تحلم بصوته الرجولى.
بكر فى الصباح فى الذهاب الى مرعا وبكرت فى الصباح لتذهب الى النهر لتراه هى الاخرى.
فى هذه المرة لم يكتف بأن يقف يتبادل معها كلمتين, أخذها من يدها وأجلسها بعيدا تحت شجرة وارفة وأتى لها بثمرة تشبه ثمرة الشجرة المحرمة التى أكلها أبوها آدام.
أكلت وشبعت فأراح رأسها على كتفه وشعر بحرارة جديدة تدفئه فى ليالى الشتاء العاصفة.
فى كل مرة كانا يتقابلان فيها كان يأخذها الى مكان جديد, يبهرها بفاكهة جديدة, وهى لشدة سذاجتها لم تعرف ولم ترد أن تعرف ماذا بعد ذلك.
ذهلت حواء الصغيرة عندما ذهبت الى النهر لتستعجل أختها قبل حلول الليل فوجدتها بين زراعى فتاها.
لم تعرف وقتها ماالذى عليها فعله, فجرت على أمها حواء وبكت كثيرا فى حضنها, وحكت لها كل ماحدث.
سمع الحوار آدام الاخر الذى هو ليس أبوها وليس حبيبها وأيضا كان يريدها لنفسه.
أخذ فأسه وذهب الى حيث فتاها.
جرت حواء الصغرى لتمنع ماقد يحدث بين الاخوين بسببها.
وصلت الى موقعهما والعراك على أشده, الى أن قتل حبيبها آدام الاخر.
ذهب اليها منتشيا وقال لها ألم أقل لكِ بأنى لن آذيكى.
لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما رأته بين أحضان الاخرى, لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما رأته يقتل, لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما جعلها ترى الجثة المضرجة بالدماء, ولم يعرف أنه آذاها بالفعل عندم سكب على نفسها الشفافة أول نقطة سواد لتمثل نواة تتجمع حولها الشوائب وجعل البشرية تتوارثها فيما بعد






هبة
19\8\2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق