الجمعة، 9 مارس 2012

غيرة

اعلم أن صمت الطريق بعد خلافنا أوجعه اكثر مما أوجعنى ومع ذلك لم يمنع نفسه من أن يمسك يدى قبل أن أركب الميكروباص وهو يقول "طمنينى عليكى أول ماتوصلى ... بحبك"
يتصاعد صوت الراكبة خلفى "تضحكلها ليه؟؟ انت بتحب واحدة ايه الى يخليك تبص لتانية وتضحكلها, أه صحيح هى عمالة تضحك, بس مع نفسها, انت  ايه اللى يخليك تضحك؟؟"
فيرد الجالس بجوارها "هى اللى كانت بتضحك والله العظيم"
"تقوم انت تتفشخ وتضحكلها, ماهو أصل الخيانة بتجرى فى دمك, مش كفاية ان انا مستحملة قرفك وعيالك المقرفين, مش كفاية ... مش كفاية ان انا اتجوزتك, كانت جوازة ندامة, استحملت قرفك وفقرك وديونك وعيالك وعيلتك, فهمنى بقى بتضحكلها ليه؟؟ بررلى انا عايزاك تبررلى"
أتبادل نظرة مع الجالس جوارى وأكتم ضحكة تفرض نفسها, بسسببها ينظر لى السائق بريبة من خلال المرآة.
يعلو صوت الراكبة من جديد "مش كفاية ان انا مستحملة وساختك, عمرك ماهتنضف ... لأ وأيه هى اللى قالتلى, أصلها مابتكذبش عليا"
تفلت الضحكة رغما عنى وتكمل هى قائلة  "طيب لما قدامى بتضحكلها أُمال من ورايا هتعمل معاها ايه؟ وكمان ساكنة قريب من المستشفى (؟؟!) يعنى مش بعيد عليك, طيب بررلى بتضحكلها ليه؟ طيب اروح امشى مع رجالة عشان تستريح؟؟" 

يهمس ببضع كلمات لم أسمع منهم إلا "لأ ماينفعش تمشى مع رجالة"
"أنا خلاص مابقتش قادرة أعيش معاك ولا مع عيالك, أنا خلاص هسيبك, ياراجل دا انا دخلت عليك لقيتك بتضحكلها"
"الكوبرى اللى جاى ياأسطى" يوصلها عنى الجالس بجوارى لتصل الى السائق وسط موجة الكلاكسات.
أنزل من الميكروباص وأطلب رقمه فيرد "لحقتى وصلتى؟؟"
أحكيله عن حوار الراكبة مع زوجها وأختمها قائلة "..عشان تعرف ان أنا رحمة"
من وسط ضحكاته يرد "وأنا بعشقك وانتى بتغيرى"
"أحم ... ثبتنى" 



ملحوظة (الكلمات الخارجة وردت نصاَ فى حوار المتحدثة, وشكراَ )

الأربعاء، 7 مارس 2012

آخر الخط

اليوم أبدأ فى تدوين قصصى التى تخصنى ولا أحد غيرى, أمسك بقلمى وأوراقى وأستعد للقفز على المقعد الذى سوف يخلو بعد محطتين فقط, تصارعنى عليه أنثيين فى عربة السيدات بمترو الأنفاق, وفى نفس الوقت تصارع دمعة فى عينى لتفلت من حصار أجفانى لها. 
تهم صاحبة المقعد السمينة جداً, الضخمة جداً بالنهوض جاعلة عربة المترو تتأرجح يمنة ويسرة فأجدنى أقفز على المقعد بمجرد أن تفارقه مؤخرتها العامرة,وفى نفس الوقت تفلت الدمعة العالقة من عينى بعد أن غفلت عنها لأفوز بالمقعد.
لم أعبأ. سوف تتبخر الدمعة سريعابفعل حرارة الجو الخانقة وألم عمودى الفقرى الذى أتوقع أن يشغلنى عن زحمة المترو بقية الطريق وزحمة الأفكار المتراكمة منذ ماقبل البدء.
تهمهم إحدى الراكبات (الواقفات بالطبع) عن قلة الذوق _وربما تتمادى وتذكر قلة الأدب_ التى تجعل الفتايات يجلسن بينما من هم فى سن أمهاتهن يقفن.
تغمغم هى التى بداخلى: "عفواً سيدتى لست فى مقدرة بدنية لأترك مكانى, ولست فى مقدرة ذهنية لأشرح لكِ
أسبابى, ولست فى مزاجِ رائق لأتبادل معكِ السُباب, حالياً أنا مشغولة بأحزانى الداخلية وصراعاتى الكونية,.. فصمتاً من فضلك."
مازلت أحتاج لمزيد من الحزن لتتغلب هى _التى بداخلى_ علىّ وتسيطر. أستخدم أخر أسلحة الضحكات التى أوشكت أن تنفد فى لحظات ماقبل الركوب فأودع ابتسامة لطفلة صغيرة تعبث بحليى وحقيبتى فأجد فيها من الابتذال مايجعل الطفلة تنتفض.
أجدنى موزعة بين أنا المحتواة فى زحمة البشر داخل علبة السردين وهى التى انطلقت تعبث بحرية داخلى وتبث نيرانها.
أكره الثلاثاء وأكره أكثر منه الاثنين, وهو يكره قفزى من موضوع لموضوع, بدون مقدمات, بدون انهاء للأول, بدون مدعاة للثانى.
كثيرة هى الأشياء التى أكره, وأكثر الأشياء التى أحب, وقد تحدثت فيما سبق عما أحب ....
"فليذهب الأطفال الى الجحيم" تهمس هى ساخطة, فالطفل الجالس أمامى تحول لسرينة مطافئ وأنطلق رفساً حتى حوّل أصابع قدمى الى هريسة, غير متوقف عن العواء.

الملعون أخرجنى من حالة الشجن والحكى هن الذات التى نعشقها جميعاً حتى وإن أنكرنا هذا العشق.
أعود من جديد لنقطة البدء حيث أصارع لأقفز من باب النزول ويصارع شبح ابتسامة ليظفر بمساحة وسط مطر الدموع. 









هبة 
6\3\2012