الاثنين، 16 أبريل 2012

اهداء

أكره الانتظار، واكره البشر الغير ملتزمين بمواعيدهم، لذلك بعد ساعة الا ربع من انتظار شخصية مستفزة لايجمعنى بيها سوى العمل أدفع حسابى وأتجه مغادرة المطعم الذى كان فيه ميعادنا وأتمتم لنفسى "يغور الشغل اللى يجى من وشه، ده حتى ماكلفش خاطره يتصل يقول هتأخر" 
قرب باب المطعم اسمع من ينادينى باسمى فألتفت مكشرة عن انيابى مستعدة لافتراسه، لحسن حظه لم يكن زميلى فى العمل هو من ينادينى.
الذى ينادينى كان يجلس على طاولة قريبة مع اخرى لا يبدو اننى اعرفها، تمعنت فيهما فبادرنى قائلاً "ألستِ ....."
"نعم انا هى" وكان هو ماضٍ لم ارد فى يوماً استرجاعه أو حتى تذكره.
اسأل نفسى ماالذى ألقى به فى طريقى بعد كل هذة السنوات اما كفاه هجره بدون أسباب، اما كفته هذة الاخرى الجالسة بجوراه، ايأتى الان ليضع الملح على الجرح فيؤلم من جديد.
بابتسامة بشوشة تخفى اطنان من الضيق سلمت عليه هو وزوجته بعد أن أتم تعارفنا، وأصرت هى على دعوتى على الغذاء بدلا من ميعادى الضائع الذى اخبرتهم به.
فضول القط قتله، اما فضول الانسان سوف يذهب به الى ما وراء الشمس ومن الممكن أبعد... 
فقط ما أجلسنى على طاولتهما هو رغبتى فى رؤيته كيف يعاملها او بمعنىٍ اخر كيف كنت سأصبح.
صورته الصغيرة التى مازلت أحتفظ بها فى حافظة نقودى كانت تمشى أمامى على قدمين .. اتسائل بغباء "ابنك؟"
فيجيبنى بهزة من راسه، اتمادى فى غبائى -ربما من تأثير الصدمة- " شبهك موت وانت صغير، نفس العينين والشفايف، حتى الغمازات" 
تستغرب زوجته "على حد علمى كنتم زمايل فى الجامعة ومعرفتيهوش أصغر من كده" 
ما هذا المأزق الذى أوقعت نفسى فيه. يتدارك هو خطأى ويخبرها انه كان يتباهى بصورته وهو طفل ثم يخرج لها نسخة ثانية من الصورة التى أحتفظ بها.
يتناول الحديث موضوعات شتى ولكن الصغير الذى كان من الممكن ان يكون ابنى يستحوذ على كل اهتمامى.
الصغير الذى اسماه بالاسم الذى اخترته انا من سنوات.
يهدينى نسخة من كتابه فأجد الاهداء المستتر موجه  لى ولا أحد سواى. لا يمكن لأحد ان يلومنى الآن على هذة الدمعة التى منعتها لحظة فراقنا وأنا أشكره على الكتاب ويفهم هو الشكر المخبوء خلف الكلمات على الاهداء.
زوجته أصفها فى قاموسى الخاص بأنها صندوقة -بلهاء كما اعتقد- تجلس كما الاطرش فى الزفة ولا تفهم سبب دموعى فأشرح لها ان الاهداء ذكرنى (بشلتنا) ايام الجامعة وأعرف فى قرارة نفسى ان (الشلة) لم تضم سوانا، انا وهو فقط. اعيد شكره على الكتاب وعلى الغذاء وعلى الطفل الرائع، وأنطلق تحت المطر متمنية حب جديد يغسل روحى من ذرات حب قديم تأبى السنون ان تزيحها. 
هبة 
15 \4 \2012

هناك تعليقان (2):