الخميس، 6 يونيو 2013

ثلاثينيّة

لملمت حاجياتى وخرجت بهدوء أقاوم حرقان الدمع المتراكم فى عينى . لم استطع الرد فانسحبت عازمة على ان انفذ يومى كما خططت له.
وقفت أمام دار السينما أحدق فى الافلام المعروضة واستقريت على البؤساء .
بتيشرت أبيض وبنطلون جينز أزرق وحذاء كاوتشوك (كونفرس) اسود ذهبت الى شباك التذاكر "فيلم البؤساء,, تذكرة واحدة"
تنظر لى موظفة التذاكر بمزيج من الاستغراب والاشفاق, علّها تعتقد ان لى حبيب خذلنى ولم يات, ولعلها أيضا تتسائل لماذا لم أبحث عن مكان انفرد فيه بنفسى لأبكى وحيدة.

نصف ساعة تبقت على بدء الفيلم, اذهب سريعاً الى العبد لأستمتع بمنيفيه الشيكولاتة الذى أعشق, كيس شيبسى بطعم الخل الذى أعتقد أن الشركة تصّنعه خصيصاً من أجلى, وأضعه فى حقيبتى الكبيرة استعداداً للفيلم. 
خلال عودتى لدار السينما أتحدث لنفسى بصوت شبه مسموع "ما  المانع ان يتجاوز وزنى ال85 كيلو جراماً, لست فرس نهر كما تنعتنى صديقاتى, ولست تلك الدُبة التى كانو ينادوننى بها فى الصغر, انا انسانة اكتفت ألماً وتوقفت عن الحمية الغائية التى تتبعها منذ وعت انها انثى أملاً منها فى ان تشبها فتيات الاعلانات ونجمات السينما,, 
أدندن,, 
عايزة ابطل كره نفسى لما تستتخنى عينك .. ولهدومى تكون مرايتى ذوقى مش بسمة عيونك" 
عودة للسينما لأقف امام شباك التذاكر مرة أخرى لأثبت للعاملة اننى حقا مختلة كما تعتقد
-"اريد تذكرة لفيلم البؤساء, حفلة السادسة" 
-"ولكن حفلة الثالثة لم تبدأ بعد"
احدق فيها بابتسامة بلهاء وادفع بثمن التذكرة فلا تجد مفر الا ان تعطينى التذكرة
-"اى مكان تفضلين للجلوس"
-"ذات المكان .." 

اتركها تبحث فى لوحة المقاعد عن نفس المكان وأدخل السينما وحيدة لأول مرة فى عمرى كخطوة أولى لمحو 30 عام من العزلة
"ماينفعش بنت تدخل سينما لوحدها"
"ماتلبسيش أبيض الابيض بيخليكى تخينة"
"بلاش جاتوه .. بلاش شيكولاتة .. بلاش شيبسى" 

فى منتصف الفيلم تنتقل فتاة من جوار فتاها الى جوارى وتخاطبنى "نهنتك مسمعة كل اللى قاعدين, واضح انك كنتى محتاجة تعيطى" 
من وسط دموعى ابتسم لها , وحدها الانثى هى التى تستطيع فهم ألم انثى غيرها, نتاجان متشابهان لنفس القيم المجتمعية البغيضة.
تمسك بيدى طوال الوقت المتبقى من الفيلم وتهدهدها 
ياتى فتاها والاستياء على وجهه ليأخذها فتسألنى بضحكة " انتى بايتة هنا ولّا ايه؟؟"
-"قطعت تذكرة تانية ,, اصل دول 30 سنة.." 
بابتسامة تتركنى وتمضى لحال سبيلها وانتظر بداية الفيلم من جديد بكيس شيبسى اخر. 

هبة
5-6-2013

الاثنين، 11 فبراير 2013

للبنات فقط

تتقلب على السرير .. تمسك باحد جانبيها وتتألم, برهة وتمسك الاخر وتتألم, بها ولع شهرى أن تحدد الجانب المصدر للألم. اعتادت التخمين حتى اذا مارُزقت بطفل تعرف اى جانب أنجبه.
 تقسم نفسها شهريا بالطول .. وتقرر أحد جانبيها خصب والاخر عقيم بالتبادل, والألم يقسمها عرضيا كعامود نار ينتشر متجها الى أسفل والى أعلى.
 تتذكر المرات الأولى عندما كانت تحكى أمها لصديقاتها همساً "اصل خرّاط البنات خرطها" فتتمنى أن تتحول الى دودة ارض من الخجل, ثم تختفى اختفاء كامل فى زياراتهم التالية, تخشى أن يسألوها عن خرّاط البنات فلا تعرف بماذا تُجيب. 
تتلّوى من الألم وهى تحصى عدد البويضات المتبقية والتى من المكن أن تفرخ أطفالا بعد الخامسة والثلاثين, كم شهراً بقى لها من هذا الألم لتصبح أنثى كاملة بإكتمال دورها.