الخميس، 25 أغسطس 2011

ألم لمرة واحدة

تعرف أيمن على الفراشة الرقيقة مها عن طريق صديقتها , وكانت الصديقة هى الرابط الوحيد المشترك بينهما, فلاهم متشابهين فى الافكار ولا الهوايات ولا الميول, لذلك لم يصدق فعلا أنه يمكن أن ينجذب لهذه الفتاة المتناقضة فى رقتها وقوتها وجنونها المطبق.
إنجذابه لها لم يكن انجذاب وقتى فهو يعرف الحب متى صادفه من واقع خبراته فى الحياة.
وقت ايقانه بأنه فعلا أحبها أسقط فى يده ولم يدرى مالذى عليه فعله, ولأنه عرف فى فتاته الكبر والحب المطلق كلاهما معا أتخذ قراره بمفاتحتها فى موضوع الارتباط, وسريعا تمت الترتيبات لزفاف العروسين.
الى هنا لم تكن مشاكلهما قد بدأت فعليا, فبداية مشاكلهما عندما طلبت منه العروس مها ن يخبر صديقتها التى هى فى نفس الوقت زوجته بأمر زواجهما قبل الزواج.
هو لشدة ثقته من حب زوجته لم يتوان عن اخبارها بأمر مشاعره تجاه صديقتها ومشروع الزواج الوشيك ... ففوجئ بها تبكى.
معرفته أنها تتمنى له السعادة أينا كانت صورت له بكاءها من الفرح.
لا يمكن أن نلومه كليا على اعتقاده الخاطئ لأنها هى من عودته من البداية على العطاء بدون انتظار للمقابل.

تحركت من مكانها وأخذت علبة سجائره, أشعلت واحدة وهى التى لم تقربها قط.
بعد النفس الثالث قالت بكل براءة مبرووووك ممطوطة طويلة.
يوم الزفاف استعدت وذهبت بكل رقى لتبارك لزجها وصديقتها, وعند عودتها لم تعد الى المنزل مباشرة ولا الى أى مكان بحث فيها زوجها بعد ذلك.
اختفاؤها من حياته جعله يدرك كم أحبها والى أى مدى لايمكنه الحياة بدونها.
كما قلنا سابقا الخطأ كان خطؤها من البداية لأنها لم تجرب مرة واحدة طيلة فترة زوجهما أن تؤلمه.






هبة 
15\8\2011

الجمعة، 19 أغسطس 2011

قصة السواد الاول

يحكى أنه فى قديم الزمان أول بدأ الخلق أن الانسان كان شفافا نقيا كماء نهر جار. كان الذى يعكره فقط هو أن يتعامل معه غيره بغلظة أو أن يسطو أحدهم على ما له من حيوانات أو زروع لكن فى هذا الزمن الرائع كانت العكرة تذهب سريعا وتصفى النفوس.
وقتها اشتغل آدام الثانى أو الثالث (لا نعرف بالتحديد) بالرعى, وكانت علاقته بالحيوانات على خير ما يرام يطعمها ويسقيها وهى تستكين اليه ثم يغدر بها فى نهاية المطاف ليستطيب لحمها وأصوافها وجلودها لنفسه, لكن هذه سنة الحياة.
ومع كل هذا لم تكتسب طبيعته هذا الغدر كصفة أساسية الى أن رأها.
حواء الثانية أو الثالثة تتهادى فى سيرها تجاه النهر.

لم يعرف ماالذى جذبه فيها بالضبط لكنه أهمل غنماته وانطلق وراءها.
لم تلحظه فى أول الامر وفى المرة الثانية ربما, فيما بعد كانت تلمح خياله على الارض اذا سار وراءها.
حواء كانت طفلة لاتعرف هذا الكائن الغريب الذى كان يلاحقها ولا ماذا يريد منها, اما حواء المواهقة فاستعذبت كتلة العضلات التى تتبعها فى كل مكان.
كانت تكثر من ذهابها للنهر لأى سبب حتى ترى آدام الفتى.
لو كانت حواء الاولى علمت بما يحدث لما تركتها تخرج بمفردها بعد ذلك.

لم يتوقف الامر عند هذا الحد فآدام لم يكتفى بتلك النظرة التى تلقيها له فى طريق ذهابها وعودتها كل يوم.
أخذ قراره باعتراض طريقها دون أن يفكر فى غضبة أبوها آدام الاول.
وقتها فقط أكتشف ان له صوت عذب يختلف عن صوته الاجش الذى يحادث به الحيوانات, وأكتشف أيضا أن لها صوت أعذب من تغريد الطيور فى صباح ربيعى.
تحادثا كثيرا وضحكا كثيرا وسعد لأنه أضحكها.
نام ليلته يحلم بضحكتها ونامت ليلتها تحلم بصوته الرجولى.
بكر فى الصباح فى الذهاب الى مرعا وبكرت فى الصباح لتذهب الى النهر لتراه هى الاخرى.
فى هذه المرة لم يكتف بأن يقف يتبادل معها كلمتين, أخذها من يدها وأجلسها بعيدا تحت شجرة وارفة وأتى لها بثمرة تشبه ثمرة الشجرة المحرمة التى أكلها أبوها آدام.
أكلت وشبعت فأراح رأسها على كتفه وشعر بحرارة جديدة تدفئه فى ليالى الشتاء العاصفة.
فى كل مرة كانا يتقابلان فيها كان يأخذها الى مكان جديد, يبهرها بفاكهة جديدة, وهى لشدة سذاجتها لم تعرف ولم ترد أن تعرف ماذا بعد ذلك.
ذهلت حواء الصغيرة عندما ذهبت الى النهر لتستعجل أختها قبل حلول الليل فوجدتها بين زراعى فتاها.
لم تعرف وقتها ماالذى عليها فعله, فجرت على أمها حواء وبكت كثيرا فى حضنها, وحكت لها كل ماحدث.
سمع الحوار آدام الاخر الذى هو ليس أبوها وليس حبيبها وأيضا كان يريدها لنفسه.
أخذ فأسه وذهب الى حيث فتاها.
جرت حواء الصغرى لتمنع ماقد يحدث بين الاخوين بسببها.
وصلت الى موقعهما والعراك على أشده, الى أن قتل حبيبها آدام الاخر.
ذهب اليها منتشيا وقال لها ألم أقل لكِ بأنى لن آذيكى.
لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما رأته بين أحضان الاخرى, لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما رأته يقتل, لم يعرف أنه آذاها بالفعل عندما جعلها ترى الجثة المضرجة بالدماء, ولم يعرف أنه آذاها بالفعل عندم سكب على نفسها الشفافة أول نقطة سواد لتمثل نواة تتجمع حولها الشوائب وجعل البشرية تتوارثها فيما بعد






هبة
19\8\2011

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

رغد

المشهد كما رأته ووصفته رغد الطفلة ذات السنوات السبع .. الحجرة كما هى معتادة السرير, الاغطية الثقيلة, الراديو (يذيع أغنية لاتتذكرها الان) وجدتها الجالسة على مقعدها بالقرب من النافذة المفتوحة.
فى الخارج كانت تمطر وأصوات رياح بالاضافة الى أصوات المدافع والرصاص المتناثر.
طالت وقفتها على باب الحجرة تنتظر الاذن بالدخول.
تعرف أنها سوف تعنفها على خروجها فى هذا الوقت وفى هذه الظروف, تعرف أيضا أن جدتها أصابها القلق عليها بعد ذهاب والديها لا تعرف الى أين, لكنها لم تعرف أن غضب جدتها منها وصل لدرجة أن تتركها قرابة الساعتين واقفة على باب الحجرة تنتظر الاذن بالدخول.
بجسارة دخلت رغد الحجرة على أطراف أصابعها وأقتربت من جدتها تريد أن تستسمحها لتصفح عنها.
وقفت رغد خلف جدتها وبصوتها الطفولى أرادت أن تعتذر منها فبكت.
ودارت لتواجه جدتها لكن جدتها لم تأخذها بين زراعيها كالعادة كلما بكت رغد.
وجدت جرح ينزف فى رأس جدتها فتخيلت أن الالم هو مامنعها أن تتكلم.
جلست تحت قدميها تواسيها وتحاول أن تخفف عنها الألم.
الى أن انتصف الليل لم تكن رغد قد أكلت شيئا ولم تتحرك جدتها.
قامت من جلستها عند قدمى جدتها تشعر بالبرد والجوع واندست بين الاغطية على السرير الكبير منتظرة جدتها تأتى لتنام بجوارها تدفئها وتحكى لها حكاية ككل يوم .. الى ان غلبها النعاس لم تكن جدتها قد أتت




هبة 
16\8\2011

السبت، 13 أغسطس 2011

105

أصوات لامتناهية مُعتادة تطرق أسماعه بدخوله هذا المكان. الرغبة تسوقه رغم علمه بانها من المحرمات.
منذ أول مرة أتى فيها هذا المكان وهو لم يعد يستطيع أن يمنع نفسه من المجئ كلما ضعفت نفسه وصار من الصعب السيطرة عليها.
بهدوء يتجه ناحية الطاولة الخضراء ذات العجلة الدوارة يبغى أن يجرب حظه من جديد. يتناسى فى كل مرة أو يترك ذكرياته خارج المكان أنه لا حظ له.. يعلم أنه مهما كسب سيخسر وأن مكسبه خسارة فى حد ذاته لكنه لم يجد فى نفسه الجسارة ليتحدى ذاته.
ينساق وراء شيطانه أو يرافقه الى أن يجلس على الكرسى المقابل للطاولة ويدفع فيأخذ فيشاته.
يراهن أول مرة على رقم حظه 17 وتتعلق عيناه بالكرة الدائرة حتى أنه ليشعر بأن روحه تدور هى الاخرى بحثا عن مربع حظ تستقر فيه.
تهبط الكرة فى رقم غير الذى اختاره وتهوى روحه لتتحطم.
أثناء جلسته تداعبه احدى حسناوات المكان فيتجاهلها.
يشعل السيجارة من الاخرى ويراهن مرة أخرى.
يختار رقم 23 يوم زواجه من زوجته الاولى .. لكم أحبها ولكم آذاها, تحملت منه مالم يتحمله أحد.
وتدور الكرة مرة أخرى ثم تهوى فى رقم أخر محطمة روحه مرة أخرى.
ييأس من الماضى ويحاول أن يراهن على الحاضر فيختار تاريخ اليوم 16 ويضع فيشاته من جديد لتهوى روحه من جديد. 
جرع أخر جرعة من كأسه وألقى الفيشات وخرج لاعنا المكان محاولا الرهان على المستقبل 


هبة 
13\8\2011

الاثنين، 8 أغسطس 2011

لم تعد تستطيع التمييز متى أقول لا لأعنى نعم .. ومتى أقولها لأعنى لا 
متى أقولها لأنى أخشاك .. ومتى أقولها لأنى أخشانى
متى أقولها لأنى فقط أريد قولها...

الخميس، 4 أغسطس 2011

فتاة القطار


"ممكن أقعد جنب الشباك؟؟" صوت أنثوى صادر عن فتاة لم تتجاوز العشرين أو هكذا يوحى شكلها . ألقى عليها نظرة اشمئزاز وتحرك من مكانه بجانب نافذة القطار ليفسح لها مكانا
 شعوره بالنفور والتجاذب فى نفس اللحظة تجاه الفتاة الجلسة بجواره أربكه وأحرجه.
ينظر اليها من آن لآخر متأملا هيئتها .. بنطال من الجينز .. قميص كاروهات .. حذاء رياضى .. وشعر معكوص من الخلف على هيئة ذيل حصان.
ملامح غير جذابة .. عادية الى أقصى حد.
لمحته أكثر من مرة وهو يختلس النظر اليها ولكنها تجاهلت ذلك تماما
من حقيبة الظهر التى وضعتها بين قدميها أخرجت لوح من الشيكولاتة وراحت تأكله بتلذذ وتلعق أصابعها بعد كل قطعة.
من وجهة نظره كانت صورة للفتاة الغجرية التى تفعل كل مايحلو لها وقتما تريد.
أخرج قلمه الرصاص وكراسة الرسم الخاصة به وأخذ يرسمها فى ثوب مختلف.
بعد انتهاء الرسمة اندهش جدا للشكل الذى خرجت عليه الفتاة على يده, وعندما هم باغلاق كراسة رسمه اختطفتها منه قائلة " مش دى أنا .. عايزة أشوفها" أكتشف وقتها أن لها ابتسامة رائعة وأمتلكت هى عيونه التى رأها بها.
بدأت تحكى .... وبدأ يحكى حتى قفزت فجأة وخطفت حقيبتها قائلة "شكرا على الشباك وعلى الحكايا .. حقا استمتعت" ومنحته ابتسامة أخرى خلدها فى لوحته ببعض التعديلات البسيطة.
تراصت أمامه الجوائز التى حصل عليها بالضبط تحت لوحة فتاة القطار لتذكره بماضى بعيد



هبة 
4\8\2011

الأربعاء، 3 أغسطس 2011

بعث


.معبأة بزخم الحياة اليومى, لا تنوى على شئ إلا ان تنال قسطا من الراحة لتستطيع أن تكمل الرحلة.
على كرسى جانبى فى محطة القطار اختبئت عن أعين الفضوليين والفارغين, أخرجت مفكرتها رواحت تدوّن تفاصيل حياتها اللتى انتهت منذ لحظات خلت
الكلام هنا ليس مجازا فبطلة قصتنا ميّتة بالفعل لحظة كتابة هذه الكلمات.
ميتة مؤسفة هى التى حصلت عليها صديقتنا.
تكالب عليها قطّاع الطرق فأوسعوها ضربا رغم أنها لم تكن تملك شيئا سوى روحها وبعض الذكريات المعبأة داخل هاتفها المحمول قد لا تغرى أحد سواها بسرقتها.
مسحت الدم النازف من أنفها وأرادت أن تستشعر طعم الملح فى فمها الا أن عيناها أبتا.
بقسوة لم تعتدها قالت احدى عيناها : ألست الان ميتة!! ماذا يفيدك اغراقنا بالدموع, بينما صمتت الاخرى
تنازلت الفتاة -التى لم تعد كذلك من هول مارأت- عن حقها الشرعى فى طاعة جسدها
أخرجت قطعة الجبن التى كانت تدخرها لرحلتها وألقتها للقطة الضالة القابعة تحت قدميها مخرجة لسانها لحالها قائلة : لا طعام بعد اليوم , لا أحد يموت مرتين
تناولت حقيبتها وعدت فى اتجاه القطار وهى تتسائل فى نفسها عن ألم الجوع فى أحشاءها وطعم المرارة فى حلقها .. أليست ميتة؟؟


هبة
3\8\2011