الاثنين، 2 يوليو 2012

بجنيه واحد بس

حر .. فظيع .. بدايات يوليو تشتعل فيها الارض والابدان ليصبح كل شئ فيها كأنه خرج لتوه من الفرن او مازال.
فى المترو يمر البائع الصغير ويلقى ببضاعته على أرج الجالسين مناديا بصوته الطفولى "ارسم ولوّن بجنيه واحد بس" يلقى بأحد الكتب على رجلى "أرقام حروف حيوانات بجنيه واحد بس" يتصبب عرقا وأتصبب عرقا "عربى انجليزى بجنيه واحد بس"
أحملق فى الكتاب الموضوع على طرف حقيبتى والموشك على السقوط ممتنعة حتى عن لمسه, متمنية أن يسقط ويأتى الطفل ليلتقطه فأوبخه بأن يمتنع عن تلك العادة السخيفة التى أكرهها عله يرتدع ويتوقف عن إلقاء بضاعته فوق ارجل الجالسين, ولكن الكتاب يمتنع ويتشبث.
لم أعهدنى سادية وعى الرغم من ذلك فكرت أن ادفع الكتاب ليهوى. 

تنتفع الجالسة بجوارى من هذه الحظات لدفع القيظ محركة كتابها يميناُ ويساراً فتصلنى بعض النسمات تنعشنى قليلا. 
من جديد يتزحزح الكتاب صاحب صور الخضروات وعنوان الخضروات بضعة مليمترات وأجد الكوسة تحاصرنى من كل اتجاه.
صوت الطفل ذو السبعة أعوام أو الثمانية يصلنى من الجهة الاخرى للعربة "بجنيه واحد بس"
الفتاتان الواقفتان أمامى تتحدثان فى السياسة وأتهمهما بالجهل فى داخلى, تزيدان فى الكلام لتثبتا بالتجربة العملية أننا شعب يحترف الفتي.
الكتاب يتحرك بضعة مليمترات اخرى فتزداد احتمالية السقوط والطفل يقتر جامعا الكتب من فوق ارجل الجالسات. احدثه بدون صوت .. من هم فى عمرك ياصغير يشترون فقط لايبيعون, إلعن السياسة التى أنهكت جسدك الصغير فى البحث عن القوت, إلعنها وألعن جميع الساسة وإلعن البشر جميعا.

يسقط الكتاب..
ينحنى الطفل ليلتقطه فأسبقه اليه وبدلا منه أضع فى يده الممدودة حفنة من الجنيهات
"بجنيه واحد بس يا أبلة" ابتسم وأُدخل الكتاب بكوسته فى حقيبتى وينصرف هو راضيا بشخشخة النقود.


هبة
2\7\2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق